قانون الشراكة … الطريق الاقصر لاشراك المواطنين والقطاع الخاص في التنمية
بقلم : بابكر عثمان
اعتمد مجلس الوزراء في ابريل من العام الماضي مشروع قانون لتنظيم الشراكة بين القطاع العام والخاص ، تضمن خمس صيغ للشراكة هي
• تخصيص أراض عن طريق الإيجار أو الترخيص بالانتفاع ، لتطويرها من قبل القطاع الخاص .
• نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية . (B.O.T)
• نظام البناء ونقل الملكية والتشغيل . (B.T.O)
• نظام البناء والتملك والتشغيل ونقل الملكية . (B.O.O.T)
• نظام التشغيل والصيانة . (O.M)
تعمل غرفة قطر حاليا على اطلاق مؤتمر للشراكة في مارس المقبل تحت رعاية سعادة الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني رئيس الغرفة بهدف تهئية القطاع الخاص لاستقبال هذا القانون والذي يتوقع ان يرى النور هذا العام، كما ان الصندوق القطري لتشجيع البحث العلمي مول مشروع بحث يقوم به اساتذة في كلية القانون بجامعة قطر بهدف الغوص عميقا في صيغ الشراكة التي ستنجح في قطر
ولكن وقبل اطلاق القانون او المؤتمر ، فهناك عدد من الملاحظات اردت ان اوردها هنا ، ذلك أن الشراكة في معناها العميق والنهائي هي خروج الدولة تماما من قطاع الأعمال ، وان يقتصر دورها على منح امتيازات المشاريع والمراقبة و التشريع والتنظيم
فدولة قطر بهذا القانون بدأت السير في هذا الطريق ولكنه طريق طويل ويحتاج الى تغيير مفاهيم الأعمال في الدولة لتستوعب ان الدولة لا يمكن ان تقدم خدمات مثل النظافة العامة على سبيل المثال ، فهي تمنح القطاع الخاص امثتياز تقديم هذه الخدمة وفق شروط معلومة ، كما انها لا يمكن ان تمتلك شركات تستجلب عاملات المنازل او استيراد مواد البناء ، او ان تمتلك شركات للفندقة او المطاعم وغيرها من الأنشطة الخدمية
ربما يكون مفهوما في هذه المرحلة أن تستأثر شركات الدولة بإنتاج وتصدير الطاقة ( البترول والغاز ومشتقاتها ) ذلك ان هذه الصناعة تدخل في جزء منها ضمن الشؤون السيادية والأمنية ولكن جزء آخر من هذه الصناعة يمكن ان يطرح في البورصة ، كما فعلت الدولة ابتداء من عام 2003 ، بطرح شركات مثل صناعات قطر.
لذلك فإن تعريف الشراكة يخرج من نطاق المشاريع المحدودة الى ترسيخ مفهوم منح القطاع الخاص كامل الأمتياز في ابتكار وتنفيذ مشاريع الأعمال في الدولة مثل مشاريع البنية التحتية والاتصالات والخدمات جميعها والتجارة والرياضة والمشاريع الصناعية.
فدولة مثل الولايات المتحدة على سبيل المثال، لا تملك حكومتها اي مشاريع بما فيها صناعة الأسلحة الأكثر حساسية ، إذ تقوم مصانع يملكها القطاع الخاص بإنتاج جميع انواع الأسلحة وفق عقود معينة مع الحكومة.
وفي اروبا ، تفوض الحكومات شركات خاصة بتحصيل الرسوم الحكومية ، أما مشاريع البنية التحتية فيتم انشاؤها وفق نظام البناء والتشغيل والتسليم ( B.O.T ) و يمكن اعتبار نفق المانش ( الرابط بين فرنسا وبريطانيا في بحر المانش ) أحد أكبر المشاريع التي تم انجازها حتى الآن ، اذ بلغت تكلفة المشروع نحو 5مليار جنيه استرليني عندما تم طرح المشروع عام 1985 ، لمدة 65 عاما ودخل في تنفيذ المشروع تحالف من شركات وبنوك بريطانية وفرنسية وجز من التمويل تم استقطابه من الطرح العام لمواطني الدولتين.
ملاحظات عامة قبل اصدار القانون
جاء في القانون ان وزارة التجارة والصناعة هي الجهة المشرفة على تنفيذ هذا القانون واعتقد من وجهة نظري ان مجلس الوزراء هو الجهة الوحيدة التي لديها الامكانيات التشريعية والرقابية للإشراف على التنفيذ وفي هذه الحالة يتوجب إما تاسيس وحدة تسمى وحدة الشراكة بين القطاع العام والخاص وتتبع الى رئيس الوزراء مباشرة أو تأسيس هيئة مستقلة تسمى هيئة الشراكة بين القطاعين العام والخاص
وفي كلا الحالتين فإن هذه الوحدة او الهيئة هي الجهة الوحيدة التي لديها السلطة لاقتراح او تنفيذ مشاريع الشراكة وكذلك للرقابة والمتابعة
كما يتوجب على الحكومة بموجب هذا القانون ان تمتنع عن تأسيس شركات حكومية تعمل في قطاعات التجارة او الخدمات ، اذ يمكن وفي هذه الحالة ان يتم تأسيس هكذا شركات بنظام الشراكة مع القطاع الخاص او منح الامتياز لهذا القطاع ، كما يمكن ايضا طرح شركات المساهمة العامة والتي تتيح للمواطنين او المستثمرين استثمار اموالهم فيها.
في الاجمال اعتقد ان اصدار هكذا قانون هو بداية الطريق لتخفيف عبء التنمية على الدولة ومنح القطاع الخاص والمواطنين فرصة المشاركة بأموالهم وجهدهم وافكارهم في التنمية.